رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بُعد النظر والبصيرة عند الإمام أبوحنيفة.. وقصة قاضى القضاة أبى يوسف

ستوديو

قال الدكتور أسامة الأزهري، أحد علماء الأزهر الشريف، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، إن باعث الجمال في شخصية الإمام أبي حنفية النعمان أنه كان عظيم التفقد والنظر في الناس، فكان يكتشف معادن الخلق، وكان له بصيرة نافذة في هذا، فكان عجيبا جدا، وبارعا في أن يرى الأمور من ورا ستار وعن بعد. 

قصة الـ100 درهم من أبي حنيفة لأبي يوسف

وتابع الأزهري، خلال لقائه ببرنامج "يحب الجمال" المذاع عبر فضائية "دي إم سي"، مساء الثلاثاء: كان من أجلّ تلامذة أبي حنيفة هو القاضي أبويوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري، ومحمد بن الحسن الشيباني، وزفر الوذيل، فكانوا الثلاثة الذين ورثوا علمه، موضحا أن حال أبي يوسف في صغره كان رقيقا وفقيرا، وكان والده ينصحه بالعمل، لكنه كان يتلفت منه ويذهب لحضور دروس ومجلس الإمام، ويعجبه الفقه، ليلاحظ أبي حنيفة هذا على أبي يوسف.

 

وأوضح أنه عندما رأى والد أبي يوسف ابنه خارجا من مجلس الإمام قال له: "لا تمدن رجليك مع أبي حنيفة، فإن طعامه مشوي وأنت حالك رقيق وفقير، فبدأ الولد يتباطأ عن مجلس أبي حنيفة، وافتقده الإمام ليسأله: لماذا لم تعد منتظما في الدروس؟ فشرح له أبويوسف وضعه وما قاله له والده، ليقول له الإمام: خذ 100 درهم ووسع على نفسك بهم وإذا احتجت قل لي، ولكن لا تنقطع عن درس العلم.

وأضاف: كان يقول الإمام أبي يوسف، كلما تقترب الـ100 درهم من الانتهاء، يعطيني الإمام مائة درهم أخرى، رغم أني لا أخبره باقتراب انتهائها.. فلزمت الحلقة ولما مضت مدة يسيرة، ثم كان يتعاهدني، وما أخبرته بنفاد المال قط، كأنه يُخبر بنفادها حتى استغنيت وتمولت، موضحا أن الإمام بذلك كان يمتلك بصيرة ومنهجا.

 

ولفت إلى أنه عندما مات والد أبي يوسف، كررت عليه والدته حديث والده، فأرادت أنه تمنعه عن درس العلم، ولكن قال لها الإمام: دعيه وأنا أعطيه ما يريد، حتى أنني أرى أن يأكل حلوى الفالوذج بالفسدق، لتقول له الوالدة: إني أراك شيخا كبيرا قد خرف، ليتغاطى الإمام عن حديثها ويقول لها إنه ملتزم بكل ما يحتاجه مثلما كان من قبل.

 

واستكمل: لكن مات أبوحنيفة، ومضت الأزمان وكبر أبويوسف وعُرف بالعلم، وكان إماما عظيم القدر في العلم، وصار قاضي القضاة، مثل منصب النائب العام حاليا، ليمر الزمن ويكون أبي يوسف جالسا مع الرشيد أمير المؤمنين، ووضعت أصناف الطعام، ليوضع نوع من الحلوى فيسأل عنه قاضي القضاء أبويوسف، فيقول له الرشيد: "هذا الفالوذج بالفسدق"، فيتذكر قاضي القضاة كلام الإمام أبي حنيفة، وضحك أبي يوسف، فسأله الرشيد عن سبب ضحكه وألح عليه، فأخبره القصة، فعجب الرشيد وقال: لعمري إن العلم ليرفع قدر المرء دينا ودنيا، وترحم على أبي حنيفة وقال: كان ينظر بعين عقله، ما لا يراه بعين رأسه.