رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"حائط صد".. رسائل الإفتاء تدعم الدولة المصرية اقتصاديًا واجتماعيًا

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

في جبهة خاصة، وبمنهج وسطي، لا يعرف التشدد، ولا يسلكه، تحاكي "دار الإفتاء" متطلبات المجتمع المصري القديمة منها والمعاصرة والمستحدثة، لتكون سلاحًا رادعًا للتشدد والأفكار الهدامة، التي تريد بنا الرجوع لعصور الظلام مرة أخرى، وذلك من خلال منصاتها المختلفة عبر "السوشيال ميديا".

 ومن خلال السطور التالية نبرز أهم رسائل سلطت عليها "الإفتاء" الضوء تزامنًا مع قضايا عدة، منها قضايا اقتصادية واجتماعية ودينية، لعل أبرزها ساند وجدد وغيَّر مفاهيم أنارت لنا الطريق لنسلك من جديد الطريق ونعبر لجمهورية جديدة بمفاهيم صحيحة، يرضى بها الله.

 

قضية "تحريم الرسم والتصوير"

قالت دار الإفتاء المصرية إن التصوير والرسم أمران جائزان شرعًا؛ بشرط الالتزام بالضوابط الأخلاقية وقيم المهنة وآدابها التي تحدِّد المقصد من الرسم والتصوير.

وكتبت "الإفتاء"، في منشور لها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن التصوير والرسم من الفنون الجميلة التي يظهر بها الإبداع البشري، وهما وسيلتان مهمتان للتعليم والتوثيق؛ فهما أمران جائزان شرعًا؛ بشرط الالتزام بالضوابط الأخلاقية وقيم المهن وآدابها التي تحدِّد المقصد من الرسم والتصوير.

قضية "الانتحار"

نشرت دار الإفتاء المصرية منشورًا عبر موقعها الرسمي على فيسبوك توضح حكم المنتحر شرعًا.

وقالت الدار إن الانتحار حرام شرعًا، وهو من كبائر الذنوب؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وقول النبي ﷺ: «ومن قتل نفسه بشيء عُذِّبَ به يوم القيامة» (متفق عليه).

وأضافت الدار: "ومع كون المنتحر مرتكبًا لكبيرة، إلا أنه لا يجوز وصفه بالكفر والخروج عن الملَّة، بل يُغسَّل ويُكفَّن ويُصلَّى عليه ويدفن في مقابر المسلمين؛ ويُدعى له بالرحمة والمغفرة".

وشددت على ضرورة عدم التقليل من إثم هذا الجرم العظيم، أو خلق مبررات له، ويجب على مَن شعر بمقدماته كمريض الاكتئاب أن يسارع إلى اللجوء للأطباء المختصين لمساعدته على العلاج وتجاوز أزمة المرض.

"إيداع الأموال في البنوك"

حثت دار الإفتاء المصرية المواطنين على إيداع أموالهم في البنوك، مؤكدة أنه جائز شرعًا ولا إثم فيه.

وكتبت دار الإفتاء عبر "فيسبوك"، إن إيداع الأموال في البنوك وأخذ فوائد منها جائز شرعًا ولا إثم فيه، وليس من الربا في شيء، بل هو من العقود المستحدثة التي تتَّفق مع المقاصد الشرعية للمعاملات في الفقه الإسلامي وتشتدُّ حاجة الناس إليها، وتتوقَّف عليها مصالحهم.

وأوضحت أن الأرباح التي يدفعها البنك للعميل هي عبارةٌ عن تحصيل ثمرة استثمار البنك لأموال المودعين وتنميتها، ومِن ثَمَّ فليست هذه الأرباح حرامًا؛ لأنها ليست فوائد قروض ولا منافع تجُرُّها عقود تبرعات، وإنما هي عبارة عن أرباح تمويلية ناتجة عن عقود تحقق مصالح أطرافها.

 

"التأمين على السيارات"

وأجابت دار الإفتاء، على السؤال، بأن التأمين الشامل على السيارات جائزٌ شرعًا، وهو في معنى المؤازرة والتكافل؛ لأنه في حقيقته من قبيل التبرع لا المعاوضة، وداخل في التعاون على البر والتقوى المأمور بهما في قول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: 2].

 وأكدت دار الإفتاء أنه لَمّا كان التأمين بأنواعه المختلفة من المعاملات المستحدثة التي لم يرد بشأنها نص شرعي بالحل أو بالحرمة- شأنه في ذلك شأن معاملات البنوك- فقد خضع التعامل به لاجتهادات العلماء وأبحاثهم المستنبطة من بعض النصوص في عمومها؛ كقول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، وكقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» رواه مسلم، إلى غير ذلك من النصوص الكثيرة الواردة في هذا الباب.

ولفتت دار الإفتاء إلى أن التأمين وهو تبرع من المُؤَمَّن؛ حيث يتبرع بالقسط المدفوع، وتبرع من جهة أخرى من الشركة؛ حيث تتبرع بقيمة التأمين وذلك على سبيل توزيع المخاطر والتعاون على حمل المبتلى- لا يشتمل على منهيٍّ شرعًا.

واستدلوا أيضًا بالعرف؛ فقد جرى العرف على التعامل بهذا النوع من العقود، والعرف مصدر من مصادر التشريع كما هو معلوم، وكذا المصلحة المرسلة، كما أن بين التأمين التجاري وبين التأمين التبادلي والاجتماعي المجمع على حِلِّهِمَا وموافقتهما لمبادئ الشريعة وجوه شَبَهٍ كثيرة، مما يسحب حكمَهما عليه، فيكون حلالًا.

وشددت أن عقد التأمين المذكور ليس من عقود الغرر المحرمة، لأنه عقد تبرعٍ وليس عقد معاوضةٍ فيفسده الغرر؛ لأن الغرر فيه لا يفضي إلى نزاعٍ بين أطرافه؛ لكثرة تعامل الناس به وشيوعه فيهم وانتشاره في كل مجالات نشاطهم الاقتصادي، فما ألفه الناس ورضوا به دون ترتب نزاع حوله يكون غير منهي عنه، ومن المقرر شرعًا أن عقود التبرعات يتهاون فيها عن الغرر الكثير بخلاف عقود المعاوضات فإنه لا يقبل فيها إلا الغرر اليسير.

 

شراء سيارة عن طريق مبادرة إحلال السيارات

أكدت دار الافتاء أن شراء سيارة عن طريق المبادرة القومية لإحلال السيارات جائزٌ شرعًا؛ لأنَّ الشراء يشتمل على عقدِ بيعٍ للسيارة القديمة (وهو التخريد)، وخَصْم ثمن التخريد من ثمن السيارة الجديدة المتعاقد عليها بالدَّعْم الـمُقَدَّم من الدولة، ويتوسَّط البنك بين المعرض (صاحب السيارة الجديدة) لتمويل عملية الشراء، ولا علاقة لذلك بالربا؛ لأنه "إذا توسطت السلعة فلا ربا".

"تداول الشائعات"

وكانت قد أعادت دار الإفتاء المصرية نشر فتوى عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، حول تداول الشائعات وأثرها على المجتمعات، تحت سؤال: "ما واجب المسلم نحو ما يُثار حوله من الشائعات؟".

وقالت دار الإفتاء: "تداول الأخبار المغلوطة أو الكاذبة أو المُضِرَّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها حرام شرعًا يرتكب فاعلُه الإثمَ والحرمة، وقد أوجب الله تعالى على المسلمين التَّثَبُّت من الأخبار قبل بناء الأحكام عليها، وأمر بِرَدِّ الأمور إلى أهلها من ذوي العِلم قبل إذاعتها والتكلم فيها؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ [الحجرات: 6].

وتابعت دار الإفتاء المصرية: "ونهى تعالى عن سماع الشائعة ونشرها، وذمَّ سبحانه وتعالى الذين يسَّمَّعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن؛ فقال تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 47]، وذلك لما له من أثر بالغ السوء على أديان الخلق وأعراضهم وممتلكاتهم، بل وحياتهم كذلك".

واختتمت دار الإفتاء المصرية قائلة: "ويتشارك في الإثم والحرمة من اختلق الشائعة ومن تداولها ومن سعى في تصديقها من غير تثبُّت، ولا يكفي في ذلك الاعتذار بحسن النية ولا بالجهل".