رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الباز: نعانى من خلل فى التدين ولدينا رغبة شديدة فى تقديس الأشخاص

دكتور محمد الباز
دكتور محمد الباز

قال الدكتور محمد الباز، رئيس مجلسي إدارة وتحرير جريدة "الدستور"، إننا نعاني من قضية التدين في مصر، وهل نفهم التدين بشكل صحيح أم لا.

 

وعرض الباز خلال حلقة برنامج "آخر النهار"، المذاع عبر فضائية "النهار"، تدوينة للشاب المصري شريف عمار، الذي سافر لنيوزلاندا لإكمال دراسته والعمل، رفقة زوجته التي أنجبت ابنته ليلى هناك.

منشور شريف عمار عن التدين بنيوزلاندا

وجاء في منشور شريف: "من يومين، خلال مكالمة هاتفية، نصحني أحد أصدقائي المقربين بترك نيوزيلندا عندما تكبر ليلى ابنتي، والسفر للإقامة في مصر (بلدي) أو تونس (بلد أمها) أو أي دولة عربية أخرى، حتى لا تبتعد ليلى عن دينها، وتظل محتفظة بهويتها الإسلامية وأصولها الشرقية (ولدت ليلى في نيوزيلندا منذ حوالي خمس سنوات، بعد ستة أشهر من سفري أنا وآمنة زوجتي إلى نيوزيلندا لدراسة الدكتوراه).

 

وأضاف: "في الواقع لم تكن هذه المرة الأولى التي أسمع فيها هذه النصيحة، وفي كل مرة ينتابني خليط من المشاعر، بين الامتنان والسعادة لمحبة الناصح وتمنيه لنا الخير في ديننا، وبين الشعور بالرضا، بل وبالإنجاز، بولادة ليلى وتربيتها في هذا المجتمع شديد التدين. ما قرأته ليس خطأ إملائيا، نعم، مجتمع شديد التدين.. هنا لن يتدخل الناس في حياة ليلى، ولن يفرضوا وصايتهم عليها، فلا شأن لأحد ماذا تلبس، أو تعبد، أو تأكل، أو تشرب، أو تحب، أو تكره. هنا أنت حر ما لم تضر. أو ليس حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه؟".

 

وتابع: "الناس هنا يحترمون قوانين وآداب الطرق والآداب العامة. أولم يأتِ الرسول ليتمم مكارم الأخلاق؟.. حين تكْبَر ليلى ستجد العمل المناسب لتعليمها وكفاءتها. فلا يوجد هنا فساد أو محسوبيات. أو ليس الله لا يحب المفسدين؟.. هنا، تحظى ليلى بتعليم وخدمات صحية وعامة مجانية وبجودة ومعايير قياسية. فالجميع هنا يدفع الضرائب (قد تصل إلى 37% من الدخل)، لثقتهم في حكومتهم التي اختاروها بأنفسهم، والتي في المقابل توفر لهم هذه الخدمات. أو ليس أمر (المؤمنين) شورى بينهم؟ أوليس أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس؟".

 

وأردف: "لا يوجد هنا مكان لخطابات الكراهية ضد الرأي المخالف، أو إقصاء صاحبه أو تخوينه أو تكفيره أو التحريض عليه، مهما كانت درجة الخلاف والاختلاف. أو ليس المسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده؟.. نادرا ما ستسمع هنا عن العنصري (في نيوزيلندا خاصة، وليس الغرب عامة). هنا لن تتعرض ليلى للتمييز حسب دينها، أو معتقدها، أوعرقها، أو هويتها، أو لون بشرتها، أو ملابسها، أو جنسها، أو طبقتها الاجتماعية. أو ليس أكرم الناس عند الله اتقاهم؟.. لا توجد هنا فجوات طبقية، فأغلب الشعب النيوزيلندي ينتمي للطبقة المتوسطة. مرتب عامل البناء لا يختلف كثيرا عن مرتب المهندس المعماري، ودخل صاحب المزرعة ليس بعيدا عن دخل المزارع. يكفيك أن تجد عملا (أي عمل) لتحصل على حياة كريمة. ألم يحث القرآن "المؤمنين" بالعدالة الاجتماعية، لأن تمامها "أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ"؟.. الشوارع والمرافق العامة في نيوزيلندا نظيفة، أو ليست النظافة من الإيمان؟.. الناس هنا لطفاء يحيون الغرباء في الشارع والأماكن العامة بابتسامة أو إيماءة لطيفة. ألم يصف الحسين الرسول بأنه كَانَ دَائِمَ الْبِشْرِ، سَهْلَ الْخُلُقِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ؟".

 

وتابع: "هنا يا صديقي لن تتعرض ليلى للتحرش، بغض النظر عن شكل أو طول أو نوع ملابسها، ولن تُجبر أن تلبس ملابس بعينها خوفا من الإيذاء أو الأحكام المسبقة على أخلاقها. ألم يأمر الله (المؤمنين) بغض البصر؟.. إن لم يكن هذا تدينا يا صديقي، فما هو التدين؟.. وإن لم يكن هؤلاء متدينون، فمن هم المتدينون!؟.. الدين يا صديقي معاملات وعبادات. أنت في نظري شديد التدين إن صحت معاملاتك قبل عباداتك. فمعاملاتك معي، وأنا من أتأثر بها، وعباداتك مع الله، وهو الذي يجزي بها.. وفي النهاية يا صديقي العزيز، ليلى هي من ستختار البلاد التي تحب العيش فيها، والناس التي ستحب العيش معهم. وسأسعد وأبارك اختيارها مهما كان. ولكن، سيظل جزء مني- ليس بالصغير- يتمنى أن تختار ليلى ما نصحتني به يا صديقي، فما زلت أشعر بشتات روحي بين بلاد أسكن فيها، ووطن يسكنني".

لدينا رغبة شديدة في تقديس الأشخاص

وعلق الدكتور الباز على كلامه قائلًا: “كلام شريف لو قسنا كل ما قاله لدينا فإننا نعاني من فساد في التدين ولكن خللا في التدين لأن كل هذه السلوكيات هي التدين لأننا نمارس نوعًا من الإقصاء ولدينا رغبة شديدة في تقديس الأشخاص للأشياء”.